أُسُس فلسفة الأخلاق عند الفلاسفة الإسلاميِّين (عرض ونقد)
Source
مكتبة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الجامعية
Author
العَمريّ، فاطِمة بِنت عَوضِ بنِ سَعدٍ
Abstract
هذه الأطروحةُ التي تقدَّمتُ بها لنَيلِ دَرجةِ الدُّكتوراه، بعنوان: (أُسس فلسفةِ الأخلاقِ عندَ الفلاسفةِ الإسلاميِّينَ -عرْضٌ ونقْدٌ) تكمُنُ أهميَّتها في مَوضوعِها الذي قسَّمَتُه إلى بابينِ، بعدَ أنْ بيَّنتُ نُبذةً تاريخيةً عن فلسفةِ الأخلاقِ، وأوضَحتُ عَلاقةَ الفلسفةِ الخُلقيةِ بالبحثِ العقَديِّ.ثمَّ تناوَلَتُ في البابِ الأولِ: الأخلاقَ في القرآنِ الكريمِ والسُّنةِ وعندَ السَّلفِ الصالحِ، مُوضِّحةً شُمولَ وكَمالَ وتمامَ منهجِ الوحْيِ السَّماويِّ، وقوَّةَ تأثيرِه في الأمَّةِ التي تلقَّتْ هذا الوحيَ بالقَبولِ والتنفيذِ والالتزامِ، وتغْييرِ ما كانت عليه مِن عاداتٍ وتقاليدَ في الجاهليَّةِ؛ لكونِ هذا الوحْيُ راعى الإنسانَ في جميعِ حالاتِه، فحثَّه على استخدامِ العقلِ، ولم يُهمِلِ الوُجدانَ، وخاطبَهُ بالنَّظرياتِ العقليةِ، التي ليستْ مُستحيلةَ التَّطبيقِ، فجمَعَ للإنسانِ العلْمَ والعملَ، والقولَ والفعلَ، فعاشت تلك الأُمَّةُ سعيدةً، مُكتفِيةً بهذا الهدْيِ، لم تَبحَثْ عن غيرِه، ولم ترْضَ له بديلًا.أمَّا البابُ الثَّاني: فتَحدَّثتُ فيه عن البَديلِ الذي سار إليه الفلاسفةُ الإسلاميُّون، فقد بَعُدَت الأمَّةُ عن ذلك الشَّرعِ، وبدأَتْ تتخبَّطُ في البحثِ عن مصادرَ تُعِيد لها ما كانت عليه مِن سعادةٍ وطُمأنينةٍ، فرأَتْ في الفلسفةِ مجالًا يُشابِهُ ذلك المجْدَ القديمَ الذي تَفتقِدُه الأمَّةُ، ولا يَزالُ في نُفوسِهم شيءٌ منه، واعْتَقدوا أنَّ النَّظرياتِ القديمةَ ستُساعِدُ في سدِّ العجْزِ الذي وصَلَ إلى نُفوسِهم نتيجةَ بُعدِهم عن الوحيِ السَّماويِّ، وعندَ استعراضِ نَظرياتِهم الفلسفيةِ، كانت كاملةَ الصِّياغةِ، تُعبِّرُ عن عقليَّاتٍ مُنتجةٍ لا تُشابِهُ بعضُها البعضَ، فافتقَدَتِ الثَّباتَ، وافتقَدَت مُراعاةَ طبيعةِ الإنسانِ، مع اعترافِ هؤلاء الفلاسفةِ بطبيعةِ هذا المخلوقِ المُعجزةِ، وكانوا عندَ عجْزِ العقلِ تَتبادرُ إلى أذهانِهم العودةُ إلى ذلك الضَّوءِ الذي تَحتفِظُ به نُفوسُهم لِيَستدلُّوا به، رغمَ تَقديمِهم العقلَ على النَّقلِ.ولم يَستطِعْ أيُّ مذهبٍ مِن المذاهبِ الأخلاقيَّةِ أنْ يكونَ وحْدَه أساسًا لفلسفةِ خُلقيةٍ كاملةٍ، بلْ كان في حاجةٍ إلى بقيَّةِ الأُسسِ الأخرى؛ لِيُكوَّن نظريةً كاملةً تَشملُ جميعَ جوانبِ حياةِ الإنسانِ. فلم يَستطِعْ نِتاجُ هذه الفلسفةِ قديمًا ولا حديثًا تكوينَ القناعةِ بثباتِ القِيَمِ، كما استطاعَ ذلك الوحْيُ السَّماويُّ، فمهْما مرَّت عليه التَّغييراتُ الاجتماعيَّةُ، فهي قِيَمٌ ثابتةٌ ومَتينةٌ بسببِ ارتباطِ الأخلاقِ بالعقيدةِ، وتنْميةِ الميولِ مِن خلالِها نحوَ العملِ، وتجسيدِها للواقعيَّةِ، بعيدًا عن مِثاليَّةِ أفلاطونَ، وعقلانيَّةِ أرِسْطو.