أثر النظم الإسلامية في تفعيل القيم الخُلقية (دراسة تحليلية)
إن الشريعة الإسلامية الغراء تميزت عن غيرها بأن قامت على أصول ونظم منبثقة من منهج الإسلام، وقد شرع الله تعالى للناس شرائع تتعلق بحياتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها فهي تمثل جوهر الإسلام وروحه في جميع جوانبه، وهذا البحث الموسوم بـ(أثر النظم الإسلامية في تفعيل القيم الخُلقية) قد أبان عن مدى الصلة بين هذه النظم والقيم الخُلقية ولولا هذه الصلة بين ما في الباطن من قيم، وما في الظاهر من نُظم لما جعل الله دينه شاملاً لهذه النظم بل لجعله أمراً خاصاً بأحوال القلوب كما يريده بعض الناس.ومن ثم فقد أظهر البحث أن لهذه النظم آثاراً واقعية في تفعيل القيم متى ما طبقت في المجتمع وأصبح يمارسها كقيمة فحينئذ يصبح مجتمعاً متماسكاً تسوده الألفة والمحبة ويعمه الخير والرخاء خالياً من الفوضى والفتن وشتى أنواع المفاسد. والناظر في النظام الاجتماعي في الإسلام يجد أنه يقوم على أسس وقيم متكاملة ومتوافقة مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها. كالحياء، والتقوى، والتواضع، والعفو والتسامح، والوفاء، والعدل، والحرية، والمساواة وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعقيدة الإسلامية، وأي خلل فيها يؤدي إلى فساد في المجتمع فتكثر الانحرافات الخُلقية ويكثر الغش والاحتكار والظلم، وكل أنواع الجرائم. كما أن الناظر في النظام السياسي في الإسلام يجد أن له أهمية كبرى حيث وردت أحكام وتشريعات في القرآن الكريم والسنة المطهرة تدل على ارتباطها بالعملية السياسية، ولا يمكن تطبيقها بعيداً عن سلطة حاكمة لتنفيذه.كما اهتمت الشريعة الإسلامية بوضع نظام اقتصادي لا يفرق بين ما هو ماديٌ، وما هو روحيٌ، ولا بين ما هو دنيويٌ، أو أخروي، فكل نشاط مادي كان، أو دنيوي يمارسه الإنسان هو في نظر الإسلام عمل روحيٌ، طالما كان مشروعًا.